الى ابناء الذوات والحراثين...شاهد ماذا كتب النائب الطراونة لامين عمان عقل بلتاجي
الى أبناء الذوات وأبناء الحراثين ...مع التحية ...جرح مأزق من قلمي فأقرأوه ............................ ........... ..........
بخيط من أمل ، يحاولون رتق الأيام ، تعالت نفوسهم فوق الهمّ ، و كابروا على الجراح ، في وطن لا يعرفون غيره ... أدركوا بملء اليأس الذي أثمر فيهم ، أن الشجرة التي يعيشون بين جذورها ، ترعرعوا فيها ... وكبرت على أيديهم يوما بعد يوم ، ... أدركوا أن ثمارها لا تسقط عليهم !! حالمين ... ما زال الأمل يدفعهم للبحث عن دورهم التنافسي في ديوان الخدمة ، وكأن معجزة ستنقل هذا الرقم من 330 إلى 2 على مستوى اللواء ، هذه قصة خريجين يتكدسون كل عام ، ( لا يتحدثون إلا لغة ) . حالمين ... ما زال الأمل يحدو بهم ، حين تقف سيدة على باب محل مجوهرات تحاول أن تملأ عينيها ببريقه ، هي لا تريد الشراء ، فالشراء شهية فقدتها منذ مدة ... هي تريد بيع خاتم زواجها لتشتري طلب التحاق لابنها الذي نجح في الثانوية ، و( هذه الأخرى لا تتحدث إلا لغة ) . حالمين ... مازال الأمل يزورهم كل صباح ، يخرجون كل يوم منذ عمر لا يتذكرون أوله ، إلى وظيفة نسوا متى كان أول يوم لهم بها ، ... يصرُّ أحدهم و يطلب من سائق الباص – بلغة لا يعرف غيرها - أن يدير قرص الموجات ليأتي بصوت فيروز، .... ( فيروز ) لم ينسوا صوتها ، فصوتها رافقهم قبل أن تشحب وجوههم ، ويصبح اليأس على حد التنفس لكل منهم ... ليسوا بحالة جيدة تتيح لهم سماع فيروز ، و ليسوا برفاه ينقصه صوتها الشجي ، إنما بصوتها ما يملأ نفوسهم بالحب وهذا ما يدفهم للعيش. فسيفساء هذا المشهد كبيرة و متعددة ، تفاصيلها تعيش على جدران ذاكرتي و أنا ابن هؤلاء الناس ، ... غادرتهم و عدت إليهم ، ... كما هم لم يفتر عشقهم لهذه الأرض ، ولم يفقدوا الأمل بصباح يأتيهم دون وجع .
سيدي عقل بلتاجي ، لن أنكر أن ردك هو ما استفز أناملي للكتابة ، فمثلي – و أنا المواطن - لن يجد إلا لساناً و قلماً ، و لن أتبجح و أكتب بإنجليزية أتقنها كما أتقن قراءة الوطن في وجوهكم ، سأكتب بالعربية ... لغة (سائد) ذي التسعين ديناراً و نيف للكانتين ، سددها قبل أن يموت ، لا يريد أن يقابل ربه بقرش حرام، واعفيني عن السؤال ( بم سيقابل الفاسدون ربهم ؟؟) ... سأكتب بلغة ( صهيب العجرمي ) ، الذي تصفت دماؤه على جدران قلعة الكرك ، و لم يجد من يصدر كتابا لنقله بسيارة اسعاف بتلك السرعة التي صدر بها قرار تكليف ابنكم حفظه الله كسكرتير أول في القاهرة ، ... سأكتب بلغة (نمر الضمور) ... ( أنا أجيت من عمان 220 عشان أحرقهم في القلعة) .... عشرة آلاف رصاصة زودها لرجال الأمن ليردوا عن أروحهم، في ليلة نفدت فيها ذخيرة الأمن، لا أعلم لماذا تذكرت مقولة الشعراوي ، و أسقطتُها على وضع الأمن ذات مساء حالك ( إذا رأيت فقيرا فاعلم أن هناك غنيا سرق ماله ) ليلتها كان أبناء الكرك كل بسلاحه يستردون قلعتهم ... هذه لغتنا ، لا نجيد غيرها ، ... فتجاربنا مع أصحاب اللغات ، و خريجو الجامعات الأجنبية تمتلئ بالوجع .
لن نزاود على وطنية أحد ، و لن نحتكر حب الوطن لنا ، ولكن الفقراء مثل أهل الكرك و غيرها ممن لا يجدون بعثاتٍ ... أو قنصلياتٍ، ليس عندهم غير الحب و الغضب ليقدموه لهذا الوطن، ... وما انتظروا من حضرتكم أن تنصحهم بأن يصبروا على جوع ، فهم صابرون لأن هذا الوطن أشبعهم قديما و يشبع غيرهم حديثاً، صابرون لأنهم لا يحملون في هذا الوطن غير الصبر، ذاكرتهم مملوءة بذات المشاهد ، شحوب الحجارة في الوطن يشاركهم حزنهم ، أغصان زيتونهم تتراقص في ليالي فرحهم ، ... ليس لهم غير هذا الوطن ، و لغاتهم الأجنبية لم تسعفهم إلا على الصبر ، بعثاتهم بين علقم الحياة و سكر الذكريات تحثهم أيضاً على الصبر.
و نحن بمعرض النصح سيد عقل بلتاجي : (( بعد اطلاعي على سيرة قضاها قيس ابنكم بين فرنسا واشنطن و تشيلي وغيرها )) ، أنصحكم بأن تكتب لنا سيرة ذاتية داخل وطنه ، كثيرون هم من انتموا لدول أجنبيه و عادوا لنا حاملين خططهم ، و غادرونا حاملين مقدراتنا .
النائب الدكتور مصلح الطراونه