الاكتئاب يداهم شباب "أسعد بلد في العالم" ما السبب؟
القبة نيوز- رغم حلول فنلندا في المرتبة الأولى على مؤشر السعادة العالمية، إلا أن أمراض الاكتئاب والانتحار باتت هاجسا يداهم الجيل الشاب في ذلك البلد.
ومن جانبها سلطت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" الضوء على أسباب "الاكتئاب" الزاحف في صفوف الشباب الفنلندي والذي باتت تدعمه مؤشرات واضحة وكثيرة.
مؤشرات صادمة
ونقلت ما يراه كثير من الخبراء من أن الصورة النمطية لفنلندا كأسعد دولة في العالم قد تحول دون رؤية التحديات التي يواجهها المرضى النفسيين في فنلندا، ولا سيما الشباب.
كما يرى البعض أنها تمنع الفنلنديين من تمييز أعراض الاكتئاب والاعتراف بها للحصول على العلاج المناسب.
وقالت "بي بي سي": "لا تزال معدلات الانتحار في فنلندا أعلى منها في سائر البلدان الأوروبية، إذ أن ثلث أعداد الوفيات بين الشباب في الفئة العمرية بين 15 و24 عاما سببها الانتحار".
وأشار تقرير رسمي نشره المجلس الشمالي للوزراء ومعهد أبحاث السعادة في كوبنهاغن إلى أن 16 في المئة من الفنلنديات من سن 18 إلى 23 عاما و11 في المئة من الشباب يقولون إنهم "يعانون" أو "يواجهون مصاعب" في الحياة.
وأشارت تقديرات الجمعية الفنلندية للصحة النفسية في عام 2011 إلى أن نحو 20 في المئة من الشباب تحت الثلاثين عاما عانوا من أعراض الاكتئاب العام الماضي.
وذكر تقرير للمركز الشمالي للصحة النفسية والقضايا الاجتماعية أن الفنلديين يشربون كميات أكبر من الخمر مقارنة بنظرائهم في البلدان الشمالية المجاورة.
وسلط التقرير الضوء على ارتفاع معدلات إدمان المخدرات بين الشباب في الفئة العمرية من 25 إلى 34 عاما.
ووصلت معدلات البطالة بين الشباب من سن 15 إلى 19 عاما إلى 12.5 في المئة في عام 2018.
أسباب متعددة
يرجع الباحث في علم النفس بالجمعية الفنلندية للصحة النفسية، جوهو ميرتانين، سبب ذلك إلى أن "سوق العمل في فنلندا أسهم في زيادة المشكلات النفسية بين الشباب بسبب انعدام الأمان الوظيفي، فضلا عن أن التفاوت الاجتماعي آخذ في الازدياد" بحسب ما نقلت "بي بي سي".
ويلقي ميرتانين باللوم على انتشار الأجهزة الرقمية في فنلندا وتزايد الاعتماد على الوظائف المستقلة والمؤقتة، وكلاهما يؤثر على الصحة النفسية للشباب في العالم الغربي.
ويقول: "الاقتصاد العالمي يتغير، وهذا يتجلى في انخفاض عدد الوظائف الثابتة التي يشغلها الموظف ثم يترقى وبعدها يتقاعد".
ويعتقد ميرتانين أن مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر أيضا على الصحة النفسية للشباب في فنلندا وغيرها من الدول، بسبب المقارنة التي يعقدها رواد هذه المواقع بين لحظات البؤس التي يمرون بها وبين اللحظات السعيدة التي يعرضها الآخرون على صفحاتهم في هذه المواقع.
ويقول إن صورة فنلندا في العالم التي من المفترض أن يشعر سكانها بالسعادة والرضا، تؤثر سلبا على بعض الشباب الفنلندي الذي قد يشعر أن تجاربه في سوق العمل تخالف هذه الصورة النمطية.
شهادات حية
واطلعت "بي بي سي" على شهادات حية لشباب فنلندي عانى من الاكتئاب المزمن لفترات طويلة.
وقالت كيرسي ماريا موبرغ، التي تبلغ من العمر 34 عاما، وشُخصت بالاكتئاب في سن المراهقة ولازمها المرض طيلة العشرينيات من العمر: "قد تشعر أنه لا يحق لك أن تصاب بالاكتئاب عندما تعيش في بلد مثل فنلندا، حيث المستوى المعيشي المرتفع".
وتضيف: "قد يشعرك المجتمع بأنه يجب عليك أن تستمتع بحياتك وبكل الإمكانيات التي أتيحت لك وأنت في مرحلة الشباب".
ويقول جون جونتورا، طبيب أصيب بالاكتئاب أثناء دراسته الجامعية، إن الاكتئاب، رغم ارتباطه ببعض الأحداث الشخصية والاجتماعية الصعبة مثل الانفصال أو الركود الاقتصادي، إلا أنه مرض قد يصيب أي شخص بغض النظر عن مستواه المعيشي.
ويضيف: "عندما أصبت بالاكتئاب، كان كل شيء في حياتي على ما يرام، كنت مستمتعا بمدرستي وأمارس هواياتي، وكنت مرتبطا بعلاقة عاطفية، لكن رغم ذلك اعتراني المرض".
حظر اجتماعي
ولفتت "بي بي سي" إلى أن النظرة السلبية والخجل المصاحبين للاكتئاب والقلق في فنلندا بدأ بالتراجع بإسهام من حملات مكافحة الانتحار التي بدأت تبرز في المجتمع الفنلندي، مما زاد إقبال الفنلنديين على العيادات النفسية لتلقي العلاج.
وقالت: "أن الكثير من الشباب الذين أصيبوا بالاكتئاب يقولون إنه لا يزال هناك نوع من الوصم المرتبط بالاكتئاب، وأن ذلك يتوقف على الدائرة الاجتماعية التي تنتمي إليها ومدى توفر الحرية التي تتيح للشخص التحدث عن الأعراض دون خجل".
ونقلت عن الشباب، مثل كيرسي ماريا وجونترا قوله: "إنه لا يزال الحديث عن الاكتئاب وأعراضه ممنوعا بعض الشيء في فنلندا، رغم كسر القوالب النمطية المرتبطة بالمرض النفسي".
ويضيف جونتورا، الذي يعالج مرضاه من الاكتئاب، إن الشباب في فنلندا يعجز عن التعبير عن آلامه ومشاعره. إذ لا تزال الأمراض النفسية ترتبط بالضعف، وبعض الرجال يرون أنه من الصعب الاعتراف بأنهم تنتابهم هذه المشاعر
وفي هذا البلد الذي يقدس الخصوصية، نادرا ما يُظهر الفنلنديون مشاعرهم على الملأ، وقلما يتبادلون الأحاديث الودية، وقد يجد بعض الفنلنديين المصابين بالمرض صعوبة في الاعتراف بالاكتئاب ومناقشته مع الآخرين، وفق "بي بي سي".
العلاج متوفر بتفاوت
وتقول "بي بي سي" إن "السلطات الفنلندية توفر خدمات العلاج النفسي الممولة من الضرائب، لهذا من المفترض، نظريا، ألا يواجه المرضى النفسيون صعوبات مالية للحصول على العلاج".
وتضيف: "لكن في السنوات الأخيرة، تزايد الجدل حول قوائم الانتظار الطويلة في المدن الكبرى وصعوبة الوصول للعلاج النفسي في المناطق النائية. وقد يستغرق الأمر أسابيع أو حتى شهور للحصول على العلاج النفسي المناسب".
واستجابة لنقص خدمات الصحة النفسية في بعض المناطق، أسس الدكتور غريغوي جوفي ودكتور ماتي هولي، من المستشفى المركزي بجامعة هلسنكي، منصة "منتل هيلث هاب" الرقمية للصحة النفسية التي نالت شعبية كبيرة في السنوات الأخيرة.
وتوفر المنصة معلومات عن مراكز العلاج وأدوات المساعدة الذاتية ومقاطع فيديو لجلسات علاج مرضى الاكتئاب الحاد والمعتدل.
ووقّع 50,000 شخص على عريضة تطالب الحكومة بتوفير العلاج النفسي لمن يعاني من مشاكل نفسية في غضون شهر.
وتقدر الكلفة السنوية لهذه المبادرة بنحو 35 مليون يورو سنويا، لكن المؤيدين يقولون إنها ستوفر 10 أضعاف التكاليف التي تنفق على العلاج ومعونات البطالة.
ومن جانبها سلطت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" الضوء على أسباب "الاكتئاب" الزاحف في صفوف الشباب الفنلندي والذي باتت تدعمه مؤشرات واضحة وكثيرة.
مؤشرات صادمة
ونقلت ما يراه كثير من الخبراء من أن الصورة النمطية لفنلندا كأسعد دولة في العالم قد تحول دون رؤية التحديات التي يواجهها المرضى النفسيين في فنلندا، ولا سيما الشباب.
كما يرى البعض أنها تمنع الفنلنديين من تمييز أعراض الاكتئاب والاعتراف بها للحصول على العلاج المناسب.
وقالت "بي بي سي": "لا تزال معدلات الانتحار في فنلندا أعلى منها في سائر البلدان الأوروبية، إذ أن ثلث أعداد الوفيات بين الشباب في الفئة العمرية بين 15 و24 عاما سببها الانتحار".
وأشار تقرير رسمي نشره المجلس الشمالي للوزراء ومعهد أبحاث السعادة في كوبنهاغن إلى أن 16 في المئة من الفنلنديات من سن 18 إلى 23 عاما و11 في المئة من الشباب يقولون إنهم "يعانون" أو "يواجهون مصاعب" في الحياة.
وأشارت تقديرات الجمعية الفنلندية للصحة النفسية في عام 2011 إلى أن نحو 20 في المئة من الشباب تحت الثلاثين عاما عانوا من أعراض الاكتئاب العام الماضي.
وذكر تقرير للمركز الشمالي للصحة النفسية والقضايا الاجتماعية أن الفنلديين يشربون كميات أكبر من الخمر مقارنة بنظرائهم في البلدان الشمالية المجاورة.
وسلط التقرير الضوء على ارتفاع معدلات إدمان المخدرات بين الشباب في الفئة العمرية من 25 إلى 34 عاما.
ووصلت معدلات البطالة بين الشباب من سن 15 إلى 19 عاما إلى 12.5 في المئة في عام 2018.
أسباب متعددة
يرجع الباحث في علم النفس بالجمعية الفنلندية للصحة النفسية، جوهو ميرتانين، سبب ذلك إلى أن "سوق العمل في فنلندا أسهم في زيادة المشكلات النفسية بين الشباب بسبب انعدام الأمان الوظيفي، فضلا عن أن التفاوت الاجتماعي آخذ في الازدياد" بحسب ما نقلت "بي بي سي".
ويلقي ميرتانين باللوم على انتشار الأجهزة الرقمية في فنلندا وتزايد الاعتماد على الوظائف المستقلة والمؤقتة، وكلاهما يؤثر على الصحة النفسية للشباب في العالم الغربي.
ويقول: "الاقتصاد العالمي يتغير، وهذا يتجلى في انخفاض عدد الوظائف الثابتة التي يشغلها الموظف ثم يترقى وبعدها يتقاعد".
ويعتقد ميرتانين أن مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر أيضا على الصحة النفسية للشباب في فنلندا وغيرها من الدول، بسبب المقارنة التي يعقدها رواد هذه المواقع بين لحظات البؤس التي يمرون بها وبين اللحظات السعيدة التي يعرضها الآخرون على صفحاتهم في هذه المواقع.
ويقول إن صورة فنلندا في العالم التي من المفترض أن يشعر سكانها بالسعادة والرضا، تؤثر سلبا على بعض الشباب الفنلندي الذي قد يشعر أن تجاربه في سوق العمل تخالف هذه الصورة النمطية.
شهادات حية
واطلعت "بي بي سي" على شهادات حية لشباب فنلندي عانى من الاكتئاب المزمن لفترات طويلة.
وقالت كيرسي ماريا موبرغ، التي تبلغ من العمر 34 عاما، وشُخصت بالاكتئاب في سن المراهقة ولازمها المرض طيلة العشرينيات من العمر: "قد تشعر أنه لا يحق لك أن تصاب بالاكتئاب عندما تعيش في بلد مثل فنلندا، حيث المستوى المعيشي المرتفع".
وتضيف: "قد يشعرك المجتمع بأنه يجب عليك أن تستمتع بحياتك وبكل الإمكانيات التي أتيحت لك وأنت في مرحلة الشباب".
ويقول جون جونتورا، طبيب أصيب بالاكتئاب أثناء دراسته الجامعية، إن الاكتئاب، رغم ارتباطه ببعض الأحداث الشخصية والاجتماعية الصعبة مثل الانفصال أو الركود الاقتصادي، إلا أنه مرض قد يصيب أي شخص بغض النظر عن مستواه المعيشي.
ويضيف: "عندما أصبت بالاكتئاب، كان كل شيء في حياتي على ما يرام، كنت مستمتعا بمدرستي وأمارس هواياتي، وكنت مرتبطا بعلاقة عاطفية، لكن رغم ذلك اعتراني المرض".
حظر اجتماعي
ولفتت "بي بي سي" إلى أن النظرة السلبية والخجل المصاحبين للاكتئاب والقلق في فنلندا بدأ بالتراجع بإسهام من حملات مكافحة الانتحار التي بدأت تبرز في المجتمع الفنلندي، مما زاد إقبال الفنلنديين على العيادات النفسية لتلقي العلاج.
وقالت: "أن الكثير من الشباب الذين أصيبوا بالاكتئاب يقولون إنه لا يزال هناك نوع من الوصم المرتبط بالاكتئاب، وأن ذلك يتوقف على الدائرة الاجتماعية التي تنتمي إليها ومدى توفر الحرية التي تتيح للشخص التحدث عن الأعراض دون خجل".
ونقلت عن الشباب، مثل كيرسي ماريا وجونترا قوله: "إنه لا يزال الحديث عن الاكتئاب وأعراضه ممنوعا بعض الشيء في فنلندا، رغم كسر القوالب النمطية المرتبطة بالمرض النفسي".
ويضيف جونتورا، الذي يعالج مرضاه من الاكتئاب، إن الشباب في فنلندا يعجز عن التعبير عن آلامه ومشاعره. إذ لا تزال الأمراض النفسية ترتبط بالضعف، وبعض الرجال يرون أنه من الصعب الاعتراف بأنهم تنتابهم هذه المشاعر
وفي هذا البلد الذي يقدس الخصوصية، نادرا ما يُظهر الفنلنديون مشاعرهم على الملأ، وقلما يتبادلون الأحاديث الودية، وقد يجد بعض الفنلنديين المصابين بالمرض صعوبة في الاعتراف بالاكتئاب ومناقشته مع الآخرين، وفق "بي بي سي".
العلاج متوفر بتفاوت
وتقول "بي بي سي" إن "السلطات الفنلندية توفر خدمات العلاج النفسي الممولة من الضرائب، لهذا من المفترض، نظريا، ألا يواجه المرضى النفسيون صعوبات مالية للحصول على العلاج".
وتضيف: "لكن في السنوات الأخيرة، تزايد الجدل حول قوائم الانتظار الطويلة في المدن الكبرى وصعوبة الوصول للعلاج النفسي في المناطق النائية. وقد يستغرق الأمر أسابيع أو حتى شهور للحصول على العلاج النفسي المناسب".
واستجابة لنقص خدمات الصحة النفسية في بعض المناطق، أسس الدكتور غريغوي جوفي ودكتور ماتي هولي، من المستشفى المركزي بجامعة هلسنكي، منصة "منتل هيلث هاب" الرقمية للصحة النفسية التي نالت شعبية كبيرة في السنوات الأخيرة.
وتوفر المنصة معلومات عن مراكز العلاج وأدوات المساعدة الذاتية ومقاطع فيديو لجلسات علاج مرضى الاكتئاب الحاد والمعتدل.
ووقّع 50,000 شخص على عريضة تطالب الحكومة بتوفير العلاج النفسي لمن يعاني من مشاكل نفسية في غضون شهر.
وتقدر الكلفة السنوية لهذه المبادرة بنحو 35 مليون يورو سنويا، لكن المؤيدين يقولون إنها ستوفر 10 أضعاف التكاليف التي تنفق على العلاج ومعونات البطالة.