كيف نحمي الاستقلال؟
فارس الحباشنة
الاستقلال ليس مجرد احتفال عابر، ولا مناسبة للعواطف والخطابات، ورفع الاعلام، وإنما هو بعث واحياء للروح والأمل والتجدد في دورة الوطن. فالاستقلال حالة دائمة ومتلازمة لكل أردني حر، وحالة بناء وتشييد بعزيمة الأردنيين.
معركة استقلال الأردن متواصلة، وحماية الاستقلال لربما هو السؤال الاكثر تحديا في مواجهة روايات الاستعمار الجديد الامريكي والاسرائيلي حول زوال الاردن والوطن البديل، وتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن، وما يعرف بصفقة القرن.
الاردن بحتمية وقدرية التاريخ والجغرافيا لا يمكن أن ينتهي. ومن يعتقدون أن الأردنيين محبطون فقد خاب ظنهم وتقديرات حساباتهم، الاردنيون اهل عزوة ونخوة. الامواج الضاربة ستلقي الاردن على شاطئ الامان، وسترمي في عرض البحر المهزومين والفئران والجرذان، واصحاب الاجندات والمصالح وصناع الاوهام.
من يقرأ تاريخ الاردن الحديث يلتقط إشارات الصلابة والمناعة والمرونة في الشخصية الاردنية. ففي عهد الشهيد وصفي التل التقى الاردنيون في وحدة المصير والقضية ولحمة المشروع الوطني ليصدوا مؤامرة كادت ان تؤدي لانهيار الدولة الاردنية، مما جعل الاردن عصيا على انكسار ظنه الجميع بانه سيكون مصير الاردن. لحظة توحد بها الجيش والاردنيون.
ومن محطات بناء وحماية الاستقلال، التحرر من الاستعمار والنفوذ الانجيلزي، ومن هينمة كلوب، وسطوة التبعية لانظمة ديكتاتورية عربية. والاردنيون دفعوا ارواحهم بالشهادة في الكرامة والقدس وايلول دفاعا عن وطنهم الغالي.
و نحن نحتفل في الاستقلال، لابد من الاشارة الى أننا يجب علينا تحويل قيم ومبادئ الاستقلال الى طريقة حياة ونهج وطني، وبأن تكون عقدا في المواطنة يحصن البلاد من المتسابقين على الغنائم والمكاسب، وناهبي المال العام، ومسيري الدولة بعقلية الشركة والبزنس، ولطميات نهج اقتصادي شوه البنية التاريخية / الاجتماعية والاقتصادية الوطنية.
الأردن أكثر بلد عربي تعرض لمؤامرات، وأكثر بلد عربي ديفع ثمن مواقفه العروبية، وينزف دما من عروق أبنائه. فكثير هم المتحالفون والمتآمرون على الاردن. ومن أيام عهد الامارة، والاردن يقف على سيف الصحراء يخيف أعداءه، ويتحالفون ضده، لربما أن مؤرخي الدولة الاردنية لم يفطنوا الى عبقرية الجغرافيا الاردنية، بقدر ما تنبه اليها مستشرقون ارخؤا للاردن المعاصر.
في عهد الملك الحسين كانت كل أحداث المنطقة اكبر من الأردن بدءا من النكبة 67 الى حرب الكرامة معجزة النصر على العجز، وحرب تشرين، واتفاقية كامب ديفيد وحرب الخليج واتفاقية وداي عربة. ولم يخف الاردن، وبقي واقفا بصلابة، وفي عين الاعصار ليتقي العواصف التي تهزالمنطقة باقل الخسائر، ولكن الراحل الحسين كان يناور باقل الامكانات، ويشاكس دولا كبرى وعظمى، دون أن يختبئ الاردن يوما وراء حليف اجنبي، أو يضع كل اوراقه في سلة واحدة.
و نحن نحتفل بالاستقلال ما أحوجنا لاستعادة قراءة التاريخ الأردني. ولربما إنجاز وتأهيل وتنصيب رواية اردنية صرفة وبحتة. رواية وطنية تعالج تشوهات ومكامن الخلل والخوف والرعب في عقل الرعية.
وفي ختام مراصد الحديث عن الاستقلال، فلا يبرح نشيد الاردنيين بالاستقلال الا صونا لحريتهم وكرامتهم، والتخلص من التبعيات، وحرية الاردني، وتجاوز مربعات العطل والعطب من خوف وعجز.. وتشرد، وليبلغ الأردني الشيم والشمم، وتذكروا قولي هنا، فالاردن عزه قادم لا محالة، وشواهدي من التاريخ كثيرة يستدل بها لاسترداد المشروع التاريخي للأردن.