بيان النقابات المهنية
فهد الخيطان
القبةة نيوز-بيان النقابات المهنية الذي أصدرته أمس سياسي بامتياز، لكنه صيغ بلغة منفعلة لدرجة غير مسبوقة، واستند لتشخيص مثير للجدل يستحق نقاشا هادئا حول دقة استخلاصاته، كالقول إن الدولة في حالة إنهيار مثلا!
لا نعلم مغزى توقيت البيان على وجه الدقة، لكن من ثناياه نفهم أن التعديل الوزاري الأخير كان حاضرا بقوة وبعبارات صريحة في البيان، إضافة لما تردد عن توقيف أشخاص شاركوا في اعتصام الرابع الخميس الماضي.
بيد أن البيان الذي انهال بالنقد على الدولة ومؤسساتها وسياساتها، لم يوضح في المقابل موقف النقابات المهنية من الإساءات البالغة التي طالت رمز الدولة في اعتصام الرابع، وهي إساءات تعاقب عليها القوانين الأردنية، فهل سيادة القانون التي نشاطر النقابات المطالبة بتطبيقها دائما وأبدا لا تصح في مثل هذه الحالة؟!
إن كان الجواب بنعم قاطعة، فلماذا لم تدن النقابات في بيانها التطاول في خطاب الرابع وشعاراته؟
النقابات المهنية هي العمود الفقري للطبقة الوسطى في الأردن، والقوة المحركة للإنتاج، وعنصر التوازن السياسي والاقتصادي، والمدرسة التي تخرج القيادات السياسية والمهنية. وفي الأشهر الأخيرة اتسمت مواقف النقابات بالحكمة والاعتدال، وبما يليق بقيمها، ولعبت دورا مهما في تصويب التشريعات التي تمس مصالح منتسبيها ومصالح المجتمع برمته، خاصة قانون ضريبة الدخل، وتعديلات قانون الجرائم الإلكترونية، وكرست الحوار أساسا لتسوية الخلافات، وعندما تطلب الأمر اللجوء لوسائل الاحتجاج السلمي قدمت نموذجا راقيا في الشارع.
والحقيقة أن آليات الحوار بين النقابات والسلطات الرسمية لم تنقطع أبدا، ففي الفترة الماضية عقدت عدة لقاءات بين الحكومة وممثلي النقابات ساهمت في تفكيك أزمات بين الطرفين وانصاف منتسبي نقابات في عدة قطاعات حكومية. وإلى جانب ذلك كان لمجلس النقباء لقاء موسع مع جلالة الملك تناول المواضيع كافة، وأسس لعلاقة مستدامة وحوار وتواصل مباشر بين القصر والنقابات المهنية.
سياسات الحكومة ليست منزهة عن النقد حتى بأقسى أشكاله، وليس مطلوبا من النقابات وغيرها من الفعاليات أن تسبح حمدا للحكومة، فهناك الكثير مما ينبغي قوله في هذه السياسات على أمل تصويبها، كما أن المطالبة برحيل الحكومة حق شرعي يكفله الدستور والقانون لكل مواطن أردني، ولا يجب التردد في استعمال هذا الحق عندما تشعر الأغلبية بضرورته. لكن التبشير بخراب البلاد وتصويرها وكأنها جمهورية موز ينطوي على ظلم بالغ لبلادنا ومنجزات أجيال قدمت التضحيات والتي بفضلها ظل الأردن صامدا في وقت انهارت فيه دول وأنظمة عتيقة.
والمفارقة أن البيان وحملات التشكيك والتطاول تأتي في وقت يتخذ فيه الأردن موقفا تاريخيا حيال محاولات تصفية القضية الفلسطينية وتهديد المصالح العليا للمملكة،يستدعي من الجميع الترفع عن الصغائر والإمساك بالحلقة المركزية لعبور المرحلة الحرجة في منطقة مهددة بصفقة القرن وبحرب ربما تندلع في أي لحظة بين الولايات المتحدة وإيران.
النقابات المهنية على وجه التحديد هي أكثر الأطراف تأهيلا لتقديم مقاربات عملية منتجة لمساعدة البلاد على تجاوز مشكلاتها الاقتصادية، بما تملك من خبرات وقدرات. وعلى المستوى الوطني تستطيع أن تلعب دورا رياديا في صياغة توافقات وطنية تعزز من صمود الدولة في مواجهة التهديدات والأخطار.
نحن في أزمة على أكثر من صعيد هذا صحيح، لكن بيان النقابات يزيد المشهد تأزيما عوضا عن المساعدة في حلها.
الغد
لا نعلم مغزى توقيت البيان على وجه الدقة، لكن من ثناياه نفهم أن التعديل الوزاري الأخير كان حاضرا بقوة وبعبارات صريحة في البيان، إضافة لما تردد عن توقيف أشخاص شاركوا في اعتصام الرابع الخميس الماضي.
بيد أن البيان الذي انهال بالنقد على الدولة ومؤسساتها وسياساتها، لم يوضح في المقابل موقف النقابات المهنية من الإساءات البالغة التي طالت رمز الدولة في اعتصام الرابع، وهي إساءات تعاقب عليها القوانين الأردنية، فهل سيادة القانون التي نشاطر النقابات المطالبة بتطبيقها دائما وأبدا لا تصح في مثل هذه الحالة؟!
إن كان الجواب بنعم قاطعة، فلماذا لم تدن النقابات في بيانها التطاول في خطاب الرابع وشعاراته؟
النقابات المهنية هي العمود الفقري للطبقة الوسطى في الأردن، والقوة المحركة للإنتاج، وعنصر التوازن السياسي والاقتصادي، والمدرسة التي تخرج القيادات السياسية والمهنية. وفي الأشهر الأخيرة اتسمت مواقف النقابات بالحكمة والاعتدال، وبما يليق بقيمها، ولعبت دورا مهما في تصويب التشريعات التي تمس مصالح منتسبيها ومصالح المجتمع برمته، خاصة قانون ضريبة الدخل، وتعديلات قانون الجرائم الإلكترونية، وكرست الحوار أساسا لتسوية الخلافات، وعندما تطلب الأمر اللجوء لوسائل الاحتجاج السلمي قدمت نموذجا راقيا في الشارع.
والحقيقة أن آليات الحوار بين النقابات والسلطات الرسمية لم تنقطع أبدا، ففي الفترة الماضية عقدت عدة لقاءات بين الحكومة وممثلي النقابات ساهمت في تفكيك أزمات بين الطرفين وانصاف منتسبي نقابات في عدة قطاعات حكومية. وإلى جانب ذلك كان لمجلس النقباء لقاء موسع مع جلالة الملك تناول المواضيع كافة، وأسس لعلاقة مستدامة وحوار وتواصل مباشر بين القصر والنقابات المهنية.
سياسات الحكومة ليست منزهة عن النقد حتى بأقسى أشكاله، وليس مطلوبا من النقابات وغيرها من الفعاليات أن تسبح حمدا للحكومة، فهناك الكثير مما ينبغي قوله في هذه السياسات على أمل تصويبها، كما أن المطالبة برحيل الحكومة حق شرعي يكفله الدستور والقانون لكل مواطن أردني، ولا يجب التردد في استعمال هذا الحق عندما تشعر الأغلبية بضرورته. لكن التبشير بخراب البلاد وتصويرها وكأنها جمهورية موز ينطوي على ظلم بالغ لبلادنا ومنجزات أجيال قدمت التضحيات والتي بفضلها ظل الأردن صامدا في وقت انهارت فيه دول وأنظمة عتيقة.
والمفارقة أن البيان وحملات التشكيك والتطاول تأتي في وقت يتخذ فيه الأردن موقفا تاريخيا حيال محاولات تصفية القضية الفلسطينية وتهديد المصالح العليا للمملكة،يستدعي من الجميع الترفع عن الصغائر والإمساك بالحلقة المركزية لعبور المرحلة الحرجة في منطقة مهددة بصفقة القرن وبحرب ربما تندلع في أي لحظة بين الولايات المتحدة وإيران.
النقابات المهنية على وجه التحديد هي أكثر الأطراف تأهيلا لتقديم مقاربات عملية منتجة لمساعدة البلاد على تجاوز مشكلاتها الاقتصادية، بما تملك من خبرات وقدرات. وعلى المستوى الوطني تستطيع أن تلعب دورا رياديا في صياغة توافقات وطنية تعزز من صمود الدولة في مواجهة التهديدات والأخطار.
نحن في أزمة على أكثر من صعيد هذا صحيح، لكن بيان النقابات يزيد المشهد تأزيما عوضا عن المساعدة في حلها.
الغد