facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

صدور رواية "ثلوج الليلة الاخيرة" للراحل ناجي

صدور رواية ثلوج الليلة الاخيرة للراحل ناجي

القبة نيوز-- صدر عن دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، رام الله، للروائي والقاص الراحل جمال ناجي رواية "ثلوج الليلة الاخيرة"، وهي آخر إبداعه الذي خطه قبل رحيله، ليختم بها مشواره الذي بدأ منذ عام 1982، واستمر حتى عام 2018، وقد تُرجم العديد من أعماله إلى لغات أجنبية.


لم تنحصر أحداث روايات ناجي في أماكن متكررة أو أزمنة محددة، وإنما كان لكل رواية مكانها وزمانها وبيئتها وحوادثها المختلفة عما سبقها، فتناول الصحراء، وتحدث عن الشتات الفلسطيني، وتناول حياة الغجر وترحالهم، وكان للاقتصاد والحياة الإنسانية والاجتماعية حضورها أيضًا.

تتبع هذه الرواية قصة الصديقان كايد وعثمان والتطورات التي تحصل معهما في ليلة المعطف التي خلخلت مساحات السلام بينهم بعد اعوام طويلة من العلاقة الملتبسة بينهم.

من اجواء الرواية "... اثارت تأجيل الحديث عن تلك الليلة الثلجية وما بعدها إلى حين؛ لأن من الصعب سردها من دون المقدمات التي سبقتها.

كثير من الأمور تحتاج الى مقدمات كي تبدو مفهومة: جرائم قتل الوقت، بصمة الروح، غرابة الكائنات، صلاحيات الخيال، كره الشبيه او قتله او التماهي فيه، التمنيات الشريرة، وطبعا شفرة عثمان فريد.

عثمان ذاته يحتاج الى مقدمات كي يبدو مفهوما وقابلا للتجرع.

إن كلمة التجرع، هنا، لا تضاهيها كلمة في لغتنا العربية حين يتعلق الأمر بإمكانية تقبل عثمان.

لكل شيء فيه حكاية، بدءا من صلعته التي تمتد من جبهته حتى قرني رأسه، حتى الاستدارة الخلفية لعنقه، التي يتجعد جلدها إلى ثلاث طيات تكاد تكون متساوية.

صلعة عثمان ضاربة نحو السمرة كلون وجهه، سمرة كهباء ذات بقعة داكنة في مقدمها، اشبه بجزيرة متعرجة الحواف.

هي بقعة تذكر بتلك التي تعتلي جبهة ميخائيل غورباتشوف الذي لا يطيق عثمان سماع اسمه، دون ان يعني ذلك تحمسه للشيوعية او الماركسية، التي يرى فيها انصياعا للمنطق الذي يمقته حسب قوله.

لكن جبهته على خلاف رقبته مشدودة.

ربما كان هذا الانشداد مسؤولا عن ارتفاع حاجبيه اللذين يبدوان لا إراديا.

من يرى وجه عثمان لا يصدق أنه لم يكمل العام الواحد والخمسين من عمره.

لولا أنني رأيت بعين تاريخ ميلاده على بطاقة هويته الشخصية في معمعان ليلة المعطف وما تلاها، لما صدقت انه من مواليد هزيمة العرب أمام الاسرائيليين في حرب حزيران، ذاك الذي اطلقوا عليه "عام النكسة".

فيما كتب ناجي في مقدمة الرواية كلمة بعنوان "قبل القراءة"، يشير فيها إلى أن هناك أكثر من سارد يسرد الحكايات أو يخلق أفرادها، كما فعل "سارد ما، خلق شهرزاد من العدم، فتمكنت من هزيمة الموت ألف ليلة وليلة. سارد آخر أو حكّاء، أوجد انكيدو كي يتصدى لكلكامش، لتبدأ دورة البحث عن سخف الخلود. هوميروس الشاعر خلق أوديسيوس في الأوديسة، وأحاطه بالمخاطرة والمحن، لكنه تغلب عليها، وعاد إلى مملكته إيثاكا ظافرًا ومحققًا حلمه بالانتقام ممن نكّلوا بزوجته الوفية بينيلوبي.

من عاش في أفكار الآخر، وسيرها؛ شهرزاد أم من أطلق شرارة ألف ليلة وليلة؟ كلكامش، أنكيدو أم من أوجدهما من العدم؟ أوديسيوس المبصر أم هوميروس الشاعر خلق الأعشى؟".

ويقول عن شخوص هذه الرواية إنهم "تسللوا إلى تعرجات ذاكرتي، عبثوا في مساحات روحي وأوراقي. كانوا نولاء متجانسين، متعبين إلى حد أن تمييزهم تطلب وضع علامات وإشارات على جباههم أو أجسادهم خشية الخلط بينهم. كل ما فعلته أنني أعدت ترتيب حكاياتهم، ومناكفاتهم، ومؤامراتهم. لا يمكنني الادعاء بأنني من خلقهم أو أوجدهم، فهم موجودون من دوني. ربما أنطقتهم، لكني لا أستبعد أن أكون وقعت في شرك أفكارهم التي أطلقوها في فضاء هذه الرواية.

لا أستبعد أن أكون قد عشت في عوالمهم، وليس العكس، مثلما قد يخطر في البال".

في كلمة على غلاف الرواية كتبها "أسرة جمال ناجي" بعنوان "هذه الرواية"، تقول إن "جمال ناجي يقدم هذه الرواية لتكون آخر إبداع يخطه الراحل كاملًا منذ البداية حتى النهاية، إذ وضع لمساته الأخيرة عليها قبل رحيله مساء السادس من أيار/ مايو 2018 بأيام قليلة، واختار لها عنوان "ثلوج الليلة الأخيرة"، ليختم بها رحلة إبداع دامت قرابة الأربعة عقود. وعلى الرغم من خروج هذه الرواية إلى الحياة يتيمة دون مبدعها، إلا أنها تسطر عالمًا جديدًا يخوض فيه الراحل آخر جولاته مع العمل الروائي، ليقدمه للقارئ كاملًا دون نقصان.

أما لوحة الغلاف فهي من آخر لوحات جمال ناجي، إذ قام برسمها عام 2017، ليقدر لها، هي الأخرى، أن تكون جزءًا من العمل الأخير للراحل المبدع.

ثلوج الليلة الأخيرة، ستتحدث هي عن نفسها، كما أراد لها الروائي جمال ناجي".

من أجواء الرواية: "أعرف كايد منذ أعوام طويلة. لكن، يمكنني القول إنني عرفته أكثر، أو هذا ما اعتقدته بعد ليلة المعطف، بحسب ما يسميها. كان يبدو مخلصًا لعمله أكثر من إخلاصه لزوجته وابنه الوحيد. لكنه – برأيي - واحد من الزواحف البشرية، التي تتحرك خلسة، وتنجز مهامها بهدوء، بل إنه من أكثر الناس قدرة على إخفاء ما يضمر.

أشعر أنني بدأت أنزلق في مستنقع التعريف الذي عادة ما أتجنبه؛ تعريف الأشخاص يحاصرهم، ويبتر امتداداتهم وأبعادهم، وهذا ما لا يمكنني فعله إزاء كايد. ليس لأني راغب في ذلك، إنما لأنني لا أملك القدرة عليه.

لا بأس من توضيح بعض الأمور التي تخص كايد، دون أن يعني ذلك تعريفًا له أو إلمامًا كاملًا بعالمه.

ما يميّز هيئة كايد أن وجهه أرضي مربع، يقطعه شاربان كثيفان لا يتعديان زاويتي شفتيه، يخالطهما شيب ضارب إلى الزرقة. هو وجه يوحي بالثقة، خصوصًا حين ترتخي قسماته في المواقف الجادة، متضافرة مع نظرات عينيه العسليتين اللتين لا تزوغان. هذا الإيحاء بالثقة، قد يكون نتاج عمليات تجريب وتدرب أمام المرآة".

رواية ثلوج الليلة الأخيرة"، جاءت بعد العديد من الاعمال الابداعية التي قدمها الراحل منذ العام 1982 حتى 2018، حيث بدأ بشواره مع رواية "الطريق إلى بلحارث"، التي ترجمت للغة الروسية، "وقت" (1984)، "مخلفات الزوابع الاخيرة"، (1988)، "الحياة على ذمة الموت" (1993)، "ليلة الريش"، (2004)، "عندما تشيخ الذئاب" (2008) - ترجمت إلى اللغة الهندية الماليبارية، "غريب النهر" (2011)، "موسم الحوريات"، (2015)، ترجمت إلى اللغة الإنجليزية، وفي مجال القصة القصيرة صدر له "رجل خالي الذهن"، (1989)، "رجل بلا تفاصيل (1994)، "ما جرى يوم الخميس"، (2006)، "المستهدف"، (2011).


تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير